مسجد سيدي غانم، اقدم مسجد في الجزائر
مسجد سيدي غانم، احد اقدم المعالم التاريخية و الإسلامية التي شيدت في الجزائر. المسجد هو شاهد على احدى الفترات العظيمة التي مرت بها الجزائر. حيث يعتبره الجزائريون رمزاً تاريخيا و حضارياً، ذلك لارتباطه بهوية الشعب العربية والإسلامية.
في هذا المقال، نحاول الحديث عن تاريخيه و مميزاته، التي تجعل منه معلما سياحيا يجب المحافظة عليه.
أين يقع اقدم مسجد في الجزائر؟
يقع مسجد سيدي غانم في الجزء القديم من مدينة ميلة الصغيرة، التي كانت تعرف أيضاً باسم “ميلاف”. و ذلك عند تخوم عاصمة الشرق الجزائري قسنطينة، حيث تبعد حوالي 490 كيلومتراً عن العاصمة الجزائرية.
متى بني مسجد سيدي غانم؟
بني مسجد سيدي غانم في ميلة قبل 13 قرنا من الآن، و بالتحديد في سنة 59 للهجرة، التي توافق سنة 678 م. بعد حكم البيزنطيين بأربعة سنوات. و ذلك على انقاض كنيسة رومانية، من طرف الصحابي الجليل “أبو المهاجر دينار”. و تمت تسمية المسجد بسيدي غانم، نسبة إلى احد الصالحين في منطقة ميلة، و الذي تم تميز بعلمه و معرفته الدينية.
تاريخ مسجد سيدي غانم:
تاريخ المسجد مرتبط بتاريخ مدينة ميلة العتيقة، التي كانت خلال الفترة الممتدة بين 534 و 647 ميلادي تحت الاحتلال البيزنطي، حي كانت أغلبية سكانها تدين بالمسيحية. لكن الصحابي الجليل “أبو مهاجر دينار” تمكن من تحويلها إلى مركز لانطلاق الفتحات الإسلامية.
تذكر المصادر التاريخية أن مدينة ميلة كانت منطلقا للحملات جيوش الإسلامية الفاتحة لشمال إفريقيا، حيث واجهت البربر و على راسهم قبيلة “أُوربة”، التي كنت تحت حكم “كسيلة“، الذي اعتنق الإسلام فيما بعد.
بعد الاحتلال الفرنسي إلى الجزائر، تعرض مسجد سيدي غانم إلى الكثير من التخريب، حيث تم هدم صومعته، و خصص القسم العلوي منه كمقر للجنود الفرنسيين، أما القسم السفلي من المسجد، فتم جعله “إسطبلات للخنازير والأحصنة”، كما تم تحويل دار الإمارة التي شيدها الفاتح أبو المهاجر إلى “مطبخ للجنود”، و حُول بيت الوضوء إلى مرشات لاستحمام جنود المستعمر.
إلى جانب كل هذا التخريب، قام الفرنسيون بتغطية أعمدة و أقواس المسجد، بسقف من القرميد، و ذلك في محاول لطمس كل معالم الإسلامية في المنطقة.
الهندسة المعمارية الرائعة لأقدم مسجد في الجزائر:
تتميز هندسة مسجد سيدي غانم بالبساطة، حيث يذكر المؤرخون و علماء الآثار في كتبهم أنه يُشبه مسجد القيروان بتونس أو المسجد الأموي بسوريا.
لقد كان للمسجد منارة طولها حوالي 62 مترا، حوالي العشرين طابقا، حيث تتكون من 365 درجة، بعدد أيام السنة. هذه المنارة دمرت من طرف الفرنسيين، و تم استعمال حجارتها في بناء كنيسة.
من مميزات المسجد، و التي تعتبر دليلا على قدمه، هو اتجاه المحراب الأصلي الذي كان نحو الجنوب، و ذلك كما كان شائعاً في المساجد الأولى لبداية الإسلام في المشرق العربي.
خلاصة:
مسجد سيدي غانم جزء من مدينة عريقة، مليئة بأسرار التاريخ. تعاقبت عليها الحضرات و تركت بسماتها على شوارعها و بيوتها و معالمها التاريخية. لكن الفتح الإسلامي كان له الأثر العميق، ليكون المسجد الذي بناه الصحابي “أبو مهاجر دينار”، شاهدا على إحدى اجمل الحضارات.