جامع كتشاوة، احد الرموز الإسلامية في الجزائر العاصمة
يعد “مسجد كتشاوة”، احد أشهر المساجد في الجزائر وجوهرة حي القصبة العتيق. بني خلال الفترة العثمانية في الجزائر، ثم هدمه من طرف الاستعمار الفرنسي، عند احتلاله للمدينة الجزائر، تم إحياؤه بعد الاستقلال، ليبقى شاهدا على تعاقب الكثير من الأحداث.
في المقال، نحاول إلقاء الضوء على هذا المسجد العظيم، من حيث تاريخه الطويل و هندسته المعمارية الرائعة.
موقع جامع كتشاوة:
يقع جامع كتشاوة في اسفل حي القصبة العتيق، في حي سوق الجمعة، غير بعيد عن ساحة الشهداء. حيث يمكن الوصول إليه عن طريق محطة المترو لساحة الشهداء.
موقع المسجد يعتبر نقط انطلاق مثالية لاكتشاف جمال و روعة حي القصبة، الذي كان يعتبر المدينة القديمة للجزائر.
تاريخ جامع كتشاوة العريق:
شيد المسجد لأول مرة من طرف الداي حسن باشا سنة 1612 م، خلال فترة الحكم العثماني للجزائر. و تعود تسمية كتشاوة إلى الكلمة التركية التي تعني باللغة العربية “الماعز”، حيث أطلق الاسم على المسجد نسبة إلى سوق الماعز التي كانت قائمة في الساحة المقابلة للمسجد، و التي سميت فيما بعد بساحة الشهداء.
بعد احتلال الفرنسيين لمدينة الجزائر سنة 1830م، تم الجامع إلى مستودع للسلاح ثم مسكنا لرؤساء الأساقفة المسحيين. في سنة 1844 تم تدمير المسجد، من قبل الجنرال الدوق “دو روفيغو” القائد الأعلى للقوات الفرنسية، و ذلك بعد حرقه للمصاحف و الكتب التي كانت موجودة داخل المسجد.
بعد صدور قرار هدم المسجد و تحويله إلى كنيسة، قام سكان مدينة القصبة بالانتفاضة على هذا الإجراء، الذي اعتبر مساسا بمقدراتهم الدينية الإسلامية. حيث اعتصم داخل المسجد حوالي أربعة الآف شخص دفاعا عنه. غير الجنرال “روفيفيو” لم يتردد في قتلهم و التنكيل بهم في الساحة المقابلة للمسجد، و قال جملته: “احتاج أجمل مسجد في المدينة لنجعل منه معبد إله المسيحيين”.
بعد المجزرة المخزية التي ارتكبها الجيش الفرنسي في حق سكان الجزائر، تم إتمام هدم المسجد، وبنيت مكانه كاتدرائية، حملت اسم “سانت فيليب”، حيث صلّى فيها المسيحيون أول صلاة لهم في ليلة عيد الميلاد 24 ديسمبر 1844م، و بهذه المنسابة قد أرسلت الملكة “إميلي” زوجة الملك الفرنسي “لويس فيليب” هداياها الثمينة للكنيسة الجديدة، أما الملك نفسه فأرسل ستائر فاخرة لتزينها. إضافة إلى ذلك بعث البابا “غريغور السادس عشر” تماثيل للقديسين، لتوضع في قاعتها الرئيسية.

استرجاع الجامع من طرف الجزائريين:
بقيت الكنيسة مفتوحة أمام الفرنسيين إلى غاية استقلال الجزائر عن فرنسا في عام 1962، لتتم عملية إعادتها إلى مسجد كما كانت قبل احتلال الفرنسي. وقد أقيمت فيه أول صلاة في أول جمعة بعد نيل الاستقلال في 05 من شهر جويلية 1962. و قد خطب في تلك الصلاة، العالم الجزائري الشهير البشير الإبراهيمي، أحد اشهر مؤسسي جمعية العلماء المسلمين الجزائرية.
في سنة 2007 تم إغلاق المسجد من طرف السلطات الجزائرية، و يخضع لعملية ترميم واسعة. و قد إعادة فتحه في 2018م، بحلة جديدة رائعة، ليحتل مكانه في العاصمة الجزائرية، كأحد اجمل المعالم فيها.
جامع كتشاوة، هو احد رموز استقلال الجزائر. و هو الآن، قلعة من قلاع العلم، الذين ينير درب الجزائريين منذ انتزاع حريتهم سنة 1962.
الهندسة المعمارية لجامع كتشاوة:
جامع كتشاوة عبارة عن تحفة معمارية إسلامية، عربية، حيث يتميز بجمال تصميمه المتناغم، و الهادئ. المسجد يتكون من قاعة كبيرة للصلاة، تعلوها قبة مزخرفة بالنقوش العربية. سقف المسجد محمول على صفوف من الأعمدة الرخامية العظيمة، التي تعطي المكان جوا من القدسية، و الراحة النفسية لزوار المسجد.
المسجد يضم أيضا، مدرسة قرانية و مكتبة تحوي مجموعة من الكتب الدينية القديمة و القيمة.

خلاصة:
رغم محاولة الفرنسيين طمس هوية مسجد كتشاوة، و تحويله إلى كنيسة، غير أن إصرار الجزائريين على استرجاع حريتم و مقدساتهم، ليكون الجامع بذلك رمزا لحريتهم التي سقط في سبيلها مليون و نصف مليون من الشهداء.